عبق من الزمن المدفون
عبق من الزمن المدفون
اي صديقي...
اتذكرايام الصبا ؟
يوم تسلقنا تلك الشجرة و قطفنا تلك الثمرة
يومها ارعبنا منظر سروالينا الممزقين و ساقينا اللذين كانا يسيلان دما
ولكننا حينها ضحكنا و لم نبالي
كنا صغيرين يومها
كان عبق الزهر
و نسيم النهر
يتيماننا
يجعلان منا فريستا سحرهما الاخاذ
كانت دراجتنا الرباعية العجلات تغدو بنا الى الافق
حيث شذى الياسمين
و عصافير البساتين
اتذكر صديقي يوم كنا نحصي ادراج بيتنا الوردي ذاك ثم نقفز ؟
يومها بدوت بطلا
بدوت كالفارس المغوار
الذي لا يشق له غبار
اتذكر يوم اقتنينا تلك المصاصة الزرقاء و عدونا نتحدث ؟
تحدثنا حينها عن كل شئ
عن شكلها الدائري
عن لونها الازرق
عنها
يومها لفت انتباهي الى لون لساننا الذي اضحى ازرقا
و صرنا نحدق به في مراة سيارة جارنا
جارنا مدرس اللغة العربية
اتذكر جارنا ذاك ؟
امازلت تذكر سيارته تلك
و لونها
امازلت تذكر يوم كسرنا نافذتها الامامية بكرتنا
يومها انهمرت دموعي دون رقيب
وعدوت انت تهدا روعي
و رقصت انا فرحا
و ركضت استبق و فراشات حيينا
وسحاب سمائه
اتذكريا رفيق دربي ؟
ايام عيد الفطر
و نحن في السادسة من عمرنا
اتذكر ؟
كم كانت فرحتنا عامرة
اتذكر بداية المواسم الدراسية ؟
اتذكر ؟
كم كان يستلهمنا منظر حقائبنا المزركشة
و المملوؤة
و الواعدة بالنجاح
و ما بالك باول ذهاب لنا الى المدرسة بمفردنا ؟
يومها بدت امي شاحبة الوجه
مشوشة الذهن
مشتتة الافكار
لكني كنت زاهية
كانت فرحتي لاتسع صدري الصغير
اتذكر حين كان ابي
و ابوك
و اب صفاء و حنان
اقوى الرجال بنظرنا ؟
و سيارتهما اسرع السيارات على الاطلاق ؟
اتذكر حين كانت امهاتنا
في اعيننا
ابرع من يحضر كعكة الفرولة
و ابهى نساء الكون
و ارقاهم ؟
فلم نخطأ حينها
اقسم اننا كنا على صواب
تلك كانت الحقيقة الوحيدة في صبانا
اتذكر جدانا ؟
اه يا جدانا
اسرعتما الفراق
و اطلتما الرحيل
يومها قالت امي انكما في سفر
في حج
او عمرة
لا ادري
و حين طال سفركما
حجكما
عمرتكما
او رحيلكما
سالت امي عن موعد رجوعكما
فقالت انه لم يعد يستلهمكما هذا المكان
و لا هذا الزمان
و لا اعذب الالحان
و انكما في انتظار لحاقنا بكما
فرسمت بسمة براءة و امل على شفتي الصغيرتين
و لكنها لم تستجب لابتسامتي حينها
تلك كانت اول مرة لم تستجب فيها امي لابتسامتي
اتذكر كل ذلك يا اعز الاصحاب؟
يا بلسم الجراح و مخفف الاكراب
يا مفتاح قصر الذكريات و منبع الامنيات
اه لو كنت فقط تدري كم تتوق عيناي الى كل ذاك
و كم ينبض قلبي شوقا
الى حيينا
الى السنوات القليلة قبل العشرة
الى ابسط الاسباب تلك التي كانت تجعل مني طائرا محلقا خارج الزمان
الى خبز الجدة
و رضى الجد
هل من عودة؟
هل من رجوع؟
هل ستبقى يا حاضري وفيا لي ام ستخونني خيانة الماضي ؟
فان خنتني فلا عليك
فالأ تي من الزمن سيكون حقا افضل
سيكون ورديا
ابيضا
و مخضرا
مادامت زرقة السماء تغطينا
ما دام هناك رضى يغذي الاكباد
ما دام هناك ضياء و ماء و هواء
ما دامت هناك شمس تكشف الاوهام و تبعث الضوء و الدفء على الشجر
و الزهر و الانسان....ا